Powered By Blogger

1‏/2‏/2012

براعم الربيع العربي





خلفت الثورات العربية عشرات الشهداء من الأطفال ويتمت الكثير منهم فيما تركت علامات لا تمحى في ذاكرة ملايين الأطفال العرب. كما تركت الثورات العربية بما فيها من مشاهد قتل وقمع وفوضى في بعض الأحيان أثارا نفسية جسيمة في عقل الطفل العربي، فكيف سيتخلص الطفل اليمنى من صورة رئيسه الذي احترق نصفه فيما لا يزال متمسكا بكرسي الحكم، وكيف سيتخلص الطفل المصري من صورة الناشط أحمد حرارة الذي فقد نور عينية من أجل بلده، ومتى ستزول من مخيلة  الطفل السوري صورة رفيقه الطفل الشهيد حمزة الخطيب الذي اعتقله النظام وعذبه حتى الموت، و متى سينسى الطفل الليبي أن رئيس دولته قد نعتهم بالجراثيم و الجرذان.      

                              
مصطلحات ك البلطجيه،الشبيحه،المرتزقة، النظام السابق، الرئيس المخلوع وغيرها الكثير أصبحت جزءا من قاموس الطفل العربي بعد الثورات و أصبح من المضحك أن يقوم طفل بتقليد خطاب الق\افي الشهير (زنقة زنقة) وكلها أتت نتيجة لحماقة الديكتاتوريات العربية خلال أيام نزاعها. كما أصبح تمثيل المظاهرات و المطالبة بإسقاط النظام من أهم ألعابهم.


  ناهيك عن ما تعرضوا له بالأساس من عنف مباشر، ففي سوريا تحدثت هناك ما يزيد عن400 طفل استشهدوا  منذ اندلاع الثورة هناك، بالإضافة ل وجود أدلة تثبت وجود أطفال في عداد ضحايا التعذيب و العنف الجنسي في مراكز الاعتقال. وفى اليمن أعلن رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة أحمد القرشي إنه تم رصد أكثر من ستمائة حالة من الانتهاكات الجسيمة وجرائم القتل التي تعرض لها الأطفال إبان الثورة اليمنية، وبلغ عدد الأطفال الشهداء منذ فبراير وحتى ديسمبر الماضي نحو 146. وأضاف أن عدد الأطفال الذين أصيبوا بجراح نتيجة استعمال الأسلحة النارية بلغ 329 طفلا، فيما تعرض 85 طفلا للاختطاف والاختفاء القسري و للاعتداء البدني والضرب.
و السؤال الذي لابد وان يطرح نفسه هنا: هل ستخلف هذه الثورات العربية شباب لمستقبل واعى متمرد على الظلم؟  أم ستخلف شباب مسكون بذكريات مؤلمة و رصيد من العنف والدموية يهدم اكثر ما يبنى.

تقول الدكتورة أمينة كاظم دكتور علم النفس بجامعة عين شمس:" لا شك أن الأطفال باعتبارهم جزء من المجتمع قد تأثروا باحداث الربيع العربي و من الطبيعي أن يطول هذا التأثير، إلا أن الجزم بنوع وحجم التأثير لا يمكن ان نلقى به جزافا فهو يحتاج الى دراسة علمية. ولكن يمكننا التكهن بهذا التأثير من خلا استقراء الماضي. ففي لبنان على سبيل المثال وفى أعقاب الحرب الأهلية ظل الطفل اللبناني يعانى كثيرا من أثار هذا العنف الذي تأصل فيه، فألعاب الأطفال والشباب كانت تتمحور حول الأسلحة والقتل و أصبح الأطفال والشباب أكثر عدوانية".
وتضيف د.أمينة:" حساب تأثير الربيع العربى على الاطفال يختلف من بلد لأخر ومن ثورة لأخرى، فلا شك ان تاثير الثورة المصرية على الاطفال فى مصر يختلف كثيرا عن تاثير الثورة الليبية على اطفال ليبيا. فالثورة المصرية كان يغلب عليها الطابع السلمى بينما الثورة الليبية تطورت لتصبح حربا ضروس و قد أجبر الاطفال حتى على المشاركة فيها وحمل السلاح. وبالتالى فان أطفل ليبيا لاشك سيكونون أكثر تأثرا من أطفال مصر بقيم العنف والعدوانية".
الا ان الامر ليس سلبيا مطلقا على هذا الحال، فبالاضافة لما زرعته الثورات العربية من عنف فقد زرعت الكثير من الوعى فى وجدان الطفل العربى، تقول د. أمينة:" لا يمكن اغفال دور الاسرة فى تشكيل وجدان أطفالهم والتحكم فى تاثير هذه الثورات عليهم، فاسرة واعية مؤمنه بالثورة وتتمتع بالوطنية يمكنها أن تحصر تأثير الثورة على اطفالها فى حيز الوطنية والوعى بقضايا الوطن ونبل التضحية من أجله. هنا سيخرج الطفل من أزمة مشابهه بقيم نبيلة مترسخه كحب الوطن والوعى بقضاياه".