Powered By Blogger

13‏/2‏/2012

إنه رجس من عمل الافقار


·         نلاحظ  عند إستعراض خارطة العنف الأسري و خاصة العنف الجسدي منه  الذي يتمثل بالضرب أن مركزه المناطق الفقيرة  و الأسر المعدومة ماديا... لأن الفقرونتائجه من ضغوط المعيشة و  او العجز عن تلبية الاحتياجات الأساسية للحياة هو من  الأسباب الرئيسية للعنف الأسري... حيث  ينتج ضغطاً نفسياً هائلاً على رب الأسرة إذ يجد نفسه مكبّلاً وغير قادر على  تلبية متطلبات أسرته، فيندفع لممارسة العنف تجاهها، لأنه المجال الذي يستطيع الهروب  منه ، عند كل مرة يحدث  فيه احتكاك مع أفراد الأسرة ...فينعكس ذلك على تماسك المجتمع، إذ كلما زادت حالات العنف الأسري  زادت حالات تفكك الأسر و من ثم عدم توازن أفرادها، و زيادة  إمكانية وقوع اختلالات مجتمعية، وتكاثر المشاكل الاجتماعية والاضطرابات المتعلقة بالانحراف والجنوح وما شابهه.

·         على أرض الواقع يؤكد هذا الترابط الطردي بين العنف الأسري والفقر  ... تروي "ع " (29 عاماً) انعكاس فقر أبيها على تماسك أسرتها، فتقول إن أباها لم يتعاط معها إلا بالضرب والإهانة، حتى إنه أجبرها على ترك المدرسة حين كانت في الصف الثالث الإعدادي، من أجل العمل في محل تجاري تحصل منه على راتب شهري، وتستخدمه في الإنفاق على والدتها وأخوتها وعلى نفسها، بعد أن أصيب في قدمه بإصابة، بات غير قادر على العمل بسببها. تضيف "ع" إنها لا ترغب اليوم في رؤية والدها من جديد فقد حرمها «عنفه» تجاهها من مواصلة تعليمها، ثم قاد إلى تشتت العائلة حين لم تعد أمها تحتمل ذلك العنف ...فطلبت الطلاق لتحمي أولادها من تعرضهم المستمر للضرب  الذي كان يدفعهم للهرب إلى بيوت الجيران والدماء تسيل من أبدانهم ... وهكذا ذهبت الأم وأولادها إلى بيت أبيها، لكن الوضع لم يكن أحسن حالاً هناك  إذ تروي "ع" أن أخوالها كانوا يعاملونها بقسوة أيضاً  ويجبرونها على إعطائهم المال الذي تحصّله من عملها، فتتابعت قسوة الحياة عليها لسنوات.

·         "ر" (33 عاماً) هربت من بيت عائلتها لما تعرضت له من عنف بدني ونفسي على يد أبيها، مؤكدة أن حالة أبيها المادية المتردية كان لها أكبر الأثر على سوء سلوكه تجاهها وتجاه إخوتها حيث  كان الأب يعمل حارساً في مدرسة خاصة، ولم يكن دخله الشهري يكفي لتأمين متطلبات أولاده الستة  لذلك كان يعمد إلى عدم التدخل في قضايا البيت وحين يتدخل تكون أداته وحيدة هي الضرب,  أما الأم فقد عانت من كآبة مزمنةوتذمر مستمر، فالانفعال لأتفه الأسباب ,لهذا كله  لم تعرف "ر"وإخوتها الراحة والاستقرار...حتى نما معهم الإحساس بالنقص مقارنة بمن حولهم من جيران وأقارب، نتيجة رداءة أوضاعهم المعيشية، مسكناً ولباساً وطعاماً، حتى تحول الستة إلى ما يشبه العصابة الشرسة، التي يخاف منها أولاد الجيران ويفرّون حين رؤيتهم .

·         وتوضح "ر " أن أخاها الأكبر كان الأكثر تأثراً بحال العائلة، إذ انطوى على نفسه بسبب عجزه على مجاراة نظرائه في المدرسة...ما انعكس سلبا  على تحصيله العلمي... فترك الدراسة وسعى للحصول على عمل وان كان  مقابل القليل من المال، وظل يتنقل من عمل إلى آخر ويطرد منه لعدم التزامه، وإدمانه على الخمر... أما الأخ الثاني فقد طُرد من المدرسة بسبب  تمرد ه وتماديه  على مدرسيه...فارتد ذلك على إخوته  إذ صاروا يعانون سوء سلوكه معهم...و في هذه الظروفوافقت أختها الكبرى على الزواج برجل يكبرها بنحو عشرين سنة ،  أما الثانية فتزوجت بآخر منعها من زيارة أهلها, فوجدت "ر" الهروب كسبيل للراحة من ذلك كله  ...وهي تعمل اليوم عاملة في بيت أحد الأثرياء و  لا ترغب برؤية أي من أفراد عائلتها مع محاولتهم  الاتصال بها بين فترة وأخرى.
انا انسان